لا ريب أن سيرة نبينا محمد ﷺ من العظمة بمكان، كيف لا وقد زكى الله صاحبها وامتدح خُلُقه من فوق سبع سموات ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، ووصف الله شمائله بأسمى الصفات، ووصفه باسمين من أسمـائه جـل وعـز فقال: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، واعتُبرت أخلاقه ﷺ وسيرته معجزةً من المعجزات، بل قال ابن حزم: «لو لم يكن من المعجزات لمحمد ﷺ غير سيرته لكفى».
وإذا لم يكن بإمكان أحد أن يضيف على هذه السيرة العطرة فوق ما كتُب عنها من نصوص ومرويات، فإن المجال شَرَعٌ للكتابة عنها والتجديد في عرضها بأكثرَ من وجهٍ وأسلوبٍ، تجليةً لمعالمها وكشفًا لأسرارها.
وهذا الكتاب يسهم في ذلك برصد جملةٍ من المعالم والدروس والوقفات المقتبسَة من هذه السيرة الزكية، معتمدًا على ما صح من أحداثها، لتكون دليلًا بين يدي العلماء، والدعاة، والمربين، والمعلمين، والمصلحين، لينهلوا من معين السيرة ما يساعدهم على التعليم والدعوة والتربية والإصلاح.