عمل المسلمين
مفهومه وحجيته وأثاره
دراسة نظرية تطبيقية
البحث في مصادر التشريع وأدلته من عُمَدِ مباحث أصول الفقه، ولا قِوَامَ للفقه ما لم ينضبط البحث في الأدلة ويُعلَم المعتبر منها مما لا يعتبر، وقد جَهِدَ الأصوليون في الإبانة عن ذلك ووسَّعوا القول فيه، إلا أن من الأدلة التي ما زالت بحاجةٍ إلى كشفٍ لحقيقتها وضبطٍ لمعالمها وتقريرٍ لجهات الاحتجاج بها: «عمل المسلمين». وقد كان لهذا الدليل بمصطلحاته المختلفة وإطلاقاته المتنوعة حضورٌ في فقه الأئمة وأتباعهم إلى الأعصار المتأخرة، بل قبل ذلك في كلام السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقد سعى في التأصيل له قلةٌ من العلماء إلا أن تفصيلَ القول فيه ما زال كامنًا في المدونة الفقهية دون بروزٍ كافٍ في البحث الأصولي، وذلك ما سعت هذه الدراسة الرصينة في تتبعه والكشف عنه، حيث تتبعت حضورَ هذا الدليل وجذورَه التأصيلية، وسعى الباحث في التأصيل له من موارده المختلفة، حيث استقرأ تصرفات أهل العلم وتطبيقاتهم لهذا الدليل في آحاد المسائل وما اجتمع له من كلامهم التأصيلي، فرأى أن منه ما يرجع لأدلة متفق عليها كالإجماع القطعي والسنة النبوية، ومنه ما يرجع لأدلة مختلف فيها كالإجماع الظني بأنواعه السكوتي وقول الأكثر وغيرهما، وكقول الصحابي، وعمل أهل المدينة، والعرف، ومنه ما لا يرجع لدليل بل هو عمل مُحدِث مخالفٌ للنصوص ومُعارض بعمل قديم، فبان من هذا كثرة موارد هذا الدليل بالنظر للحقيقة والمآل وإن قلَّت في عين الرائي بادي الرأي. وهذه الدراسة بأبوابها وفصولها حافلةٌ بالتأصيل مشوَّحةٌ بالتطبيق، بما يقدم صورةً مثلى لهذا الدليل ومجالات الاحتجاج به واستعمالات العلماء في تطبيقه.