الإمبراطورية الأمريكية

دلائل الصمود ومؤشرات التراجع

لقد أقامت الولايات المتحدة إمبراطورية تعتمد في المقام الأول على السيطرة المؤسساتية بدل السيطرة الجغرافية، وهذا يعدّ مفهومًا جديدًا نسبيًا في عالم السياسة. أنشأت الولايات المتحدة منظمة الأمم المتحدة، وأقامت مجموعة من المؤسسات والمعاهدات الدولية تحت مظلة تلك المنظمة الدولية. هذه الإمبراطورية المؤسساتية التي أرست الولايات المتحدة دعائمها الهدف منها أن تحظى المصالح الأمريكية بالأولوية، وأن تمنح أهمية أكبر قياسًا بمصالح بقية الدول. وإذا افترضنا تفرّد الولايات المتحدة بكل تلك الهيمنة، فالواقع أن العقود الأخيرة تشهد حالة يمكن وصفها بالتراجع الأمريكي، وآخرون رأوه مقدمة لانحسار أو انهيار، وأن ثمة قوى صاعدة ساعية للتنافس الدولي في مقدمتها روسيا والصين. غير أننا في هذه الدراسة سنركز بشكل مباشر على مظاهر التراجع الأمريكي، وهل يؤشر بالفعل إلى نكوص الولايات المتحدة عن الأحادية القطبية؟ أم تستطيع الولايات المتحدة الصمود لفترة أطول أمام تلك المتغيّرات؟