مناسك الحج

للإمام إبراهيم الحربي

الآن حصحص الحقُّ، و‌بَرِحَ ‌الخفاء، وبيَّن الصُّبحُ لذي عينين، وظهر كتاب «مناسك الحج» للإمام إبراهيم الحربي في صورته التي هو عليها، ولم يبق موضعٌ للريب في أن ما نشره علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر وسمَّاه بهذا الاسم ليس بكتاب الحربي قطعًا، وإنما هو كتابٌ آخر لا يبعد أن يكون كتاب «الطريق» لصاحبه محمد بن خلف وكيع القاضي. وقد غبر على طائفة من الباحثين زمانٌ ينقلون عن طبعة الكتاب الأولى وينسبون نصوصه إلى إبراهيم الحربي، فهذا أوان الانتهاء عن ذلك. والكتاب من ذخائر القرون الأولى، وعتاق التصانيف المفردة في مناسك الحج، الجامعة بين الفقه والأثر، وفيه واحدٌ وخمسون حديثًا مسندًا من عوالي الأسانيد وعزيزها، رواها الحربيُّ عن واحد وثلاثين شيخًا. يُنْشَر اليوم محققًا أول مرة عن أصل خطيٍّ نفيس متصل الرواية بمؤلفه، بخط الإمام الفقيه بهاء الدين المقدسي شارح «العمدة» و«المقنع» وروايته، وقراءة الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي سنة 573، وعليه سماعاتٌ جليلة بخطوط عدد من أئمة الحديث والفقه واللغة، وفيه كلُّ النصوص التي صرَّح أهل العلم بنقلها عن الكتاب. قدَّمتُ بين يديه بدراسة عن نسبته وروايته وترجمة صاحبه ترجمة موجزة ملائمة للمقام، إلا مبحث مؤلفاته فقد حرَّرته تحريرًا حسنًا متعوبًا عليه. واجتهدت في قراءة نصِّه وأدائه كما ينبغي له، وخرَّجت أحاديثه وآثاره على قانون الصَّنعة، وعلَّقت على مواضع منه تعليقاتٍ أرجو أن تكون نافعة، وذيَّلته بفهارس تعين على تمام الاستفادة منه.