التسليم للنص الشرعي

التسليـم للنص الشرعي ليس مجرد الإيمان بأن القرآن كلام الله وبحجـية سنــة النبي ﷺ الذي يتفق عليه عموم المسلمين، بل هو التزام وانقياد يتبع كمال الإيمان، فيزداد مع زيادة الإيمان، ويضعف مع ضعفه، فكلما زادت في قلب المؤمن الخشية والتعظيم واليقين زاد تسليمه، وكلما ضعفت ضعف تسليمه.

والمسلم المعاصر تتدفَّق عليه أمواج الشبهات والمعارضات من كلّ جانب، تمرّ بين عينيه، وتطرق سمعه، وتصارع عقله حتى تشككه في كلّ شيء، وتحشد عليه كلّ ما يزحزح يقينه، وتفتح على قلبه كافة منافذ الحيرة والشكوك، ومن ذلك العوارض والشبهات التي تضعف من درجة تسليمه للنص الشرعي فيسهل عليه رفض حكم شرعي أو تأويل نصّ ما أو تضعيف حديث معين نظراً لعوامل كثيرة تضغط عليه فتؤثر في نتيجة فهمه للنصّ وإن كان صادقاً في اتباع الدليل.

وتلك المعارضات كثيرة جدًّا، يستحيل حصرها، وكلما بعد الإنسان عن النصّ كثرت عليه المعارضات، وهي من الابتلاء الذي يمحّص الله به المؤمنين، وفي هذا الكتاب معالجة لأبرز تلك المعارضات، وهي راجعة لخمسةٍ من الأصول الكبرى (العقل، فهم النصّ، الواقع الذي سينزّل عليه النصّ، مقاصد النصّ، الخلاف الفقهي)، وتتسم تلك المعارضات بحضورها في المشهد المعاصر وإن كان كثير منها يعتبر من المعارضات القديمة.

وفي هذا الكتاب عرضٌ لمعالم التسليم في كل أصل من هذه الأصول، يتبين فيها منهج التسليم الواجب، ثمّ ظاهرة الانحراف في هذه الأصول عن التسليم للنص الشرعي بفعل المعارضات والإشكالات المختلفة.